الخلافة الراشدة العالمية ستعم الأرض الخلافة الراشدة العالمية ستعم الأرض نشرت مجلة التغيير الجذري التي يصدرها شباب حزب التحرير في ولاية تركيا في
عددها لشهر رمضان المبارك 1427هـ الموافق أيلول/ سبتمبر 2006م لقاءً
صحفياً مطولاً مع السيد يلمـاز شيلِك الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية
تركيا، تحت عنوان (إننا نتحدث عن برنامج يفوق برنامج الاتحاد الأوروبي
وبرنامج الشرق الأوسط الكبير، ألا وهو برنامج الخلافة الراشدة العالمية
التي ستعم الأرض!)، وقد أجرى اللقاء بهاء الدين جاردا. وفيما يلي بعض من
نص اللقاء مترجم عن اللغة التركية:
1 - جَاردا: بشكل عام أنت رجل انشغلت به الأوساط الإعلامية، بسبب النداء
الذي ألقيته في ساحة جامع الفاتح قبل حوالى العام، وتداعيات ذلك الحدث
استمرت لفترة طويلة. ما هدفك من النداء؟ وإلى ماذا كنت تتطلع؟ وما الذي
حصلت عليه؟
- شِيلِك: في 2 أيلول من عام 2005م قام حزب التحرير بتنظيم فعاليات قراءة
وتوزيع نداء الخير إلى الأمة الإسلامية عامة في أكثر من 30 بلداً يعمل
فيهم وليس فقط في تركيا، حيث نظمت كافة الفعاليات في اليوم والزمان نفسه،
بعد صلاة الجمعة. إن السبب الرئيسي وراء قيامنا بفعاليات قراءة النداء كان
توجيه نداء للأمة حول فرض إقامة الخلافة التي هي طريق خلاصهم، وكما هو
معلوم فقد تم إلغاء الخلافة في 28 رجب 1342هـ الموافق 03 آذار 1924م. وقد
وجهنا دعوة للأمة الإسلامية عامة وإلى أهل القوة فيها خاصة للعمل والتحرك
معنا لإقامة دولة الخلافة من جديد.
وكما هو معلوم، فمنذ أن هدمت دولة الخلافة، والدول الاستعمارية الكافرة
والغرب المتمثل بأوروبا والولايات المتحدة الأميركية وهم يعتدون ويحتلون
ويقتلون ويستعمرون وينهبون الأمة الإسلامية، وقد تمادى غيهم في السنوات
الأخيرة في احتلالهم لأفغانستان والعراق. إننا نُرجع سبب هذا الظلم
والاعتداء والاستعمار الواقع علينا في مركز الخلافة (تركيا) أو في باقي
بلاد الأمة الإسلامية إلى هدم وإلغاء الخلافة. كيف لا ورسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) قال: «إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به..»
فبعد أن ألغيت وهدمت الخلافة أصبحت أمة الإسلام بلا جنة ولا منجد ولا حامٍ.
2 - جاردا: لقد أدلى رجالات الوسط السياسي التركي بتعليقات وتصريحات..
ومما قالوه: إنها فتنة.. حتى أن بعض قادة الأحزاب والجماعات الإسلامية
قاموا هم أيضاً بالإدلاء بتعليقات وتصريحات مختلفة حول فعاليات النداء في
جامع الفاتح. فما هو قولكم في ذلك؟
- شِيلِك: قبل أن أخوض فيما طرحت، دعني أتطرق إلى ما وراء ذلك باختصار إن
شاء الله؛ إن الذين أطلقوا بالأمس شعارات السياسة النـزيهة أثبتوا لنا
اليوم -وهذا ما كنا ننتظره منهم- أنهم يمارسون سياسة مشبوهة غير نزيهة يتم
تنفيذها من خلال الوسط السياسي القائم في أيامنا هذه على الأفكار
والمفاهيم السياسية الخاطئة، النظام الرأسمالي المصغر المطبق علينا،
العلمانية والديمقراطية وغير ذلك من الأمور التي تخرب فطرة الإنسان، وتفقر
شخصيته، وتستبدل القيم الإسلامية والإنسانية بالمصلحة والمنفعة. نحن نرى
أن الاختلاسات المالية في الدولة دائماً تتم من قبل أولئك الذين أنهوا
دراسات عليا ويشغلون مناصب حساسة، ومن قبل السياسيين والبيروقراطيين الذين
استأمنهم الناس على مصالحهم وأموالهم. ونرى رجالات الوسط السياسي ورجالات
الأحزاب السياسية الذين يتوجب عليهم رعاية شؤون الناس الداخلية والخارجية
يستندون إلى قوى خارجية كأميركا وإنجلترا والاتحاد الأوروبي. هذا باختصار
هو واقع السياسية غير النزيهة وهذا هو الذي يؤدي إلى تلويث السياسة.
وعلى الصعيد ذاته، فأيضاً القادة الفكريون لجماعات وأحزاب (إسلامية!)
مختلفة ممن يعملون في الوسط السياسي سالف الذكر أو تربطهم مصالح به، قاموا
بإصدار تصريحات معادية لنا. فظنوا أن فعالياتنا التي نظمناها ستؤدي إلى
إلحاق الضرر بهم، ورأوا في أعمالنا أنها تكشف وتميط اللثام عن أعمالهم
ومهامهم المنصبة على تجميل صورة النظام العلماني الديمقراطي في عيون
المسلمين، ورأوا أننا ننشر وجهة نظر إسلامية انقلابية بين أنصارهم
ومؤيديهم فخشوا أن ذلك سيؤدي إلى انفضاض قاعدتهم الجماهيرية عنهم، وسيؤدي
إلى الإضرار بمصالحهم فقاموا بمهاجمة ندائنا وفعالياتنا.
في حين أن نداءنا كان نداءً يشمل المسلمين جميعاً، فنحن نرفض رفضاً باتاً
التكتل على أساس المصلحة والمنفعة، فهل يعقل أن يعيش المسلمون في مثل هذا
الواقع السيئ ولا ينظرون إلى طريق الخلاص من منظار الإسلام!! إننا نعتقد
اعتقاداً جازماً لا شبهة فيه أن الإسلام وحده هو القادر على حل كافة
المشاكل المستجدة في الحياة، ذلك أن الإسلام هو من عند الله سبحانه
وتعالى، فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه. في مثل هذا الموقف نرى الذين يخشون
من قول الحق حيثما وأينما كانوا يخشون ويهابون من مجاهرة حزب التحرير
بالحق، ذلك أنهم اعتادوا وعودوا أنصارهم منذ عشرات السنين على الصمت
والسكون. إن الأغلبية كانت صامتة أمام هيمنة الولايات المتحدة الأميركية
على المنطقة، فخرجنا نحن وكسرنا حاجز الصمت وعلت صيحاتنا المنادية لإقامة
الخلافة من جديد وتحدينا العالم بأسره. فكان تحركنا صاعقاً لجميع القوى
السياسية، العلمانية منها وغير العلمانية، وكان من بينها بعض قادة
للجماعات (الإسلامية!) الذين أدلوا بتصريحات معادية لنا بالرغم من أن
مناصريهم يؤيدون طرحنا. إننا لا نشغل أنفسنا بأولئك، إننا سائرون في
طريقنا لا يضرنا من خالفنا، وبعون الله سنحقق هدفنا. عندما أسس العالم
الجليل تقي الدين النبهاني -رحمه الله- حزب التحرير قال: «اليوم أقيمت
الخلافة» أي أن القدم وضعت في الطريق الصحيح نحو تحقيق الهدف، بالإضافة
إلى أنه تم توظيف وتجنيد الجهود المطلوبة نحو تحقيق الهدف، والنصر بيد
الله سبحانه وتعالى يمن به على من يشاء من عباده.
3 - جاردا: قامت بعض وسائل الإعلام بتوجيه سؤال لأخصائيين في مجال الإرهاب
فأجابوهم بالقول "إن هؤلاء عندما يفشلون في تحقيق هدفهم سيحملون السلاح".
فكيف تنظرون إلى ذلك؟
- شِيلِك: إن حزب التحرير لا يتبنى في الفترة التي لا يوجد فيها دولة
خلافة العمل المسلح ولا يرى صحة الخوض فيه، إن الأعمال المادية المسلحة
لإقامة دولة الإسلام هي أعمال مخالفة لطريقة الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم)، لذا فحزب التحرير لن يخوض في الأعمال المادية المسلحة لمخالفتها
لطريقة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التي انتهجها طوال 13 عاماً من
كفاحه في مكة. إن طريقة تحقيق هدفنا المتمثل بإقامة الخلافة تقتصر على
الأعمال السياسية والفكرية وحمل الأفكار والآراء والأحكام الإسلامية إلى
الناس من خلال تكتل حزبي سياسي. وفوق ذلك فحتى بعد أن يَمُنَّ الله علينا
وتقام دولة الخلافة فلن يؤذن لأي حزب سياسي بحمل السلاح. إن هذا الشأن
منوط بدولة الخلافة وحدها. ويحق لنا أن نتساءل؛ لماذا لم يستطع الذين
يطلقون تلك الادعاءات والمغالطات العثور على أي دليل يُدين حزب التحرير
الذي يعمل منذ ما يزيد عن 50 عاماً وله ماضٍ عريق؟! إنهم ليتمنون العثور
ولو على قشة ليتعلقوا بها لإدانة الحزب، إلا أنهم لم ولن يتمكنوا من ذلك،
لأن ادعاءهم لا أصل له.
4 - جاردا: لقد نشر الإعلام وبعض الأوساط مقولة مفادها "لقد تم دفعهم للتحرك من خلال دعم خارجي"، فكيف تنظرون إلى ذلك؟
- شِيلِك: لما باتت الحاجة لإقامة خلافة للمسلمين في الدنيا واضحة وضوح
الشمس في كبد السماء، ولما بات مدركاً أهمية ذلك وسرعته، وأن حزب التحرير
هو الذي يقود التحرك الداعي لإقامتها، وهو من سيقيمها بإذن الله، بدؤوا
حملة هجومية منظمة ضدنا، وبدؤوا يرددون سيمفونية واحدة مفادها أن "حزب
التحرير مدعوم من الخارج"، "حزب التحرير يقاد من الخارج"، "حزب التحرير
يثير الفتن". إننا نرى بشكل واضح جلي، عبر شاشات التلفاز ووسائل الإعلام،
جزع وخوف الغرب الكافر وأميركا ليس فقط من قيام دولة الخلافة بل باتت
تقلقهم وتراودهم الكوابيس لمجرد ذكرها. ذلك أن دولة الإسلام استمرت قرابة
1400 عاماً، وكان المسلمون وغير المسلمين يعيشون بطمأنينة في كنفها طوال
تلك الفترة، فرضوا واطمأنوا بها بعد أن لمسوا عدلها ونعيمها. وبعد أن هدمت
الخلافة تفرق المسلمون إلى بضع وخمسين دويلة بعد أن كانوا كالجسد الواحد
يستظلون بظل دولة واحدة، دولة الخلافة. وبعد أن كانوا يحملون حضارة متميزة
تنشر الهدى والنور في أرجاء الدنيا، انقلبوا بهدم خلافتهم على أعقابهم،
وخسروا الدنيا وذلوا وهانوا. إننا نهدف إلى توحيد هذه الأمة التي قطعت
أوصالها إلى بضع وخمسين دويلة في دولة واحدة كما كانت. فكيف يغالط هؤلاء
أنفسهم ويدَّعون أننا "دعاة فرقة وهدم وفتنة"؟!
وعلى صعيد آخر، أولا يرى أولئك السياسيون المغشي على أعينهم دولة الخلافة
قد هدمت على يد الإنجليز. نعم إن هؤلاء السياسيين بالرغم من أنهم يعلمون
ذلك يقيناً إلا أنهم يغالطون أنفسهم ليضللوا الرأي العام من خلال حملاتهم
المضللة التي لا يقبلها عقل من أن إنجلترا أو أميركا تريدان إقامة الخلافة
من جديد. بل إن الذي نراه أن أميركا تهدف من خلال مشروعها "مشروع الشرق
الأوسط الكبير" عرقلة ومنع قيام دولة الخلافة في منطقة الشرق الأوسط
والشمال الأفريقي، فهي تبغي من خلال مشروعها إعادة رسم الحدود بين
الدويلات القائمة في العالم الإسلامي بصورة تزيد من تحجيمها وتفريقها
وتقسيمها. إننا نعلم أن بوش وبلير وغيرهم من رؤساء الدول الاستعمارية
الكافرة وصلت بهم الحال إلى عدم مقدرتهم على كتمان خوفهم وجزعهم، فباتوا
يرددون مصطلح الخلافة، فهم يعلمون أن حزب التحرير هو الحزب الجاد الذي
يعمل بجد واجتهاد لإقامة دولة الخلافة. فمشروع دولة الخلافة العالمية، هو
مشروع حزب التحرير.
5 - جاردا: ما هي نظرتكم للسياسة؟ وما هي نظرتكم للحزب السياسي؟
- شِيلِك: إن عملنا هو عمل سياسي ولدينا مشروعنا الخاص ألا وهو إقامة
الخلافة من جديد، وبهذا الخصوص كان أمير حزب التحرير الشيخ العالم عطاء بن
خليل أبو الرشتة -حفظه الله- قد قال خلال الكلمة التي وجهها للأمة
الإسلامية قاطبة بمناسبة الذكرى 85 لهدم الخلافة: "...نعم الخلافةُ هي
البضاعةُ والصناعة، هي التي تقضي على دولة يهود وتعيد فلسطين كاملة إلى
ديار الإسلام، هي التي تقضي على سلطان الهندوس في كشمير، وحكم الروس في
الشيشان وكل القفقاس وتتارستان، هي التي تعيد القرم إلى أصلها، وكلَّ بلاد
الإسلام إلى أصلها وفصلها. هي التي تحرر البلاد والعباد من نفوذ الكفر
وعملائه، وبطش زبانيته وأزلامه. هي التي تمنع تمزُّق العراق والسودان،
وتعيد اللحمة إلى الصومال، وتزيل الحدود والسدود التي رسمها الكفار
المستعمرون من أطراف المحيط الهادي حيث إندونيسيا وماليزيا إلى شواطئ
الأطلسي حيث المغرب والأندلس. إنها التي تنشر العدل والخير، وتُعز الإسلام
والمسلمين، وتقطع دابر الظلم والشر، وتُذل الكفر والكافرين." فهذا هو عينه
عملنا وهذا هو مشروعنا، إنه المشروع الكفيل بتخليص الإنسانية مما هي فيه،
إنه مشروع دولة الخلافة الكفيل بإنقاذ الدنيا والإنسانية من الهيمنة
الاستعمارية الوحشية الإمبريالية.
أما نظرتنا للسياسة؛ فهي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً على أساس
الأحكام الإسلامية فقط، اليوم عندما يتم ذكر كلمة "سياسة" في تركيا، أول
ما يتبادر إلى الأذهان أنها أمر يتوجب على المسلمين الابتعاد عنه. فقد
غرسوا في عقول الناس مفاهيم مغلوطة خطرة، فقالوا مغالطين ومضللين "إن
الدين مقدس ومنـزه عن كل شيء، فلا يتوجب خلطه بالسياسة التي يملؤها النفاق
والدجل"، وقالوا مغالطين ومضللين "الديمقراطية من الإسلام"... ولضمان
استمرار أضاليلهم وضعوا مادة في الدستور تنص على منع قيام أي حزب على أساس
الإسلام أو أي حزب يدعو إلى إعادة إحياء وإقامة الخلافة في تركيا من جديد.
إن الأحزاب الموجودة في الوسط السياسي الحالي قامت بتسميم مقومات الأمة
ووعيها السياسي. إن كافة هذه الأحزاب فشلت في تحقيق النهضة وإعادة عزة
أمتنا الإسلامية من جديد من خلال حملها والدعوة إلى الأفكار الغربية
الدخيلة علينا. وفشل هذه الأحزاب كان أمراً طبيعياً؛ ذلك لأنها وإن كانت
تدعي أنها إسلامية إلا أنها أبعد ما تكون عن الفهم الصحيح للإسلام. أما
الأحزاب التي تقوم على معاداة الإسلام، فبالرغم من كافة المستجدات إلا
أنها حتى الآن لم تتخلص من وجهة نظرها العدائية هذه.
إن وجود هذه الأحزاب وفشلها وإصرارها على المضي قدماً في أخطائها كان
إضافة مشكلة جديدة على مشاكل الأمة الإسلامية عامة وعلى مشاكل تركيا خاصة.
ولهذا فإن هذه الأحزاب وإن كانت تزعم أنها أحزاب إلى أننا نرى أن واقعها
لا يعدو عن أنها أحزاب اسماً لا فعلاً. وهذا عينه واقع الوسط السياسي
الموجود.
إن فهمنا ونظرتنا للحزب، وما نقصده بالحزب السياسي الإسلامي هو الحزب
المبدئي الذي يقوم على الإسلام. والآن عندما ننظر إلى الأحزاب الديمقراطية
والقومية الموجودة اليوم نرى أنها قطعاً ليست بالأحزاب المبدئية، تقوم
بأعمالها وفقاً لأجندة الغرب المتمثل بإنجلترا وأميركا اللتين تتدخلان
بالوسط السياسي وتوجهانه، وهذا هو واقع الأحزاب الشكلية التي لا تحمل من
الحزب إلا الاسم، والتي لا تقوم على أية أفكار أو معالجات ذاتية، بل تقوم
تماماً على الأفكار والقوانين الغربية الدخيلة التي ينفذونها على المجتمع.
وسياسةٌ هذه واقعها قطعاً لن تنجح وتثمر في المجتمع، ذلك أن النظام الدخيل
المطبق هو نظام مناقض لفطرة وقناعات الناس، إن النظام الموافق لفطرة الناس
وقناعاتهم هو نظام الخلافة الإسلامي وحده.