المحاضرة التاسعة..
إسلام عبد الله بن سلام وبادر عالم اليهود وحبرهم
عبد الله بن سلام فأسلم . وأبى عامتهم إلا الكفر وكانوا ثلاث قبائل قينقاع والنضير وقريظة . فنقض الثلاث العهد . وحاربهم .
فمن على بني قينقاع وأجلى بني النضير . وقتل بني قريظة . ونزلت سورة الحشر في بني النضير وسورة
الأحزاب في بني قريظة .
حوادث السنة الثانية وفي السنة الثانية رأى
عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأذان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقيه على بلال .
وفيها : فرض صوم رمضان . ونسخ صوم عاشوراء . وبقي صومه مستحبا .
وفيها : زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فاطمة رضي الله عنها .
فصل [ الإذن بالقتال ] ولما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في [url=http://sirah.al-islam.com/places.asp?p=%c7%e1%e3%cf%ed%e4%c9]المدينة ، وأيده الله بنصره
وبالمؤمنين . وألف بين قلوبهم بعد العداوة . ومنعته أنصار الله من الأحمر والأسود رمتهم
العرب واليهود عن قوس واحد وشمروا عن ساق العداوة والمحاربة .
والله يأمر رسوله والمؤمنين بالكف والعفو والصفح حتى قويت الشوكة . فحينئذ أذن لهم في القتال ولم يفرضه عليهم فقال تعالى ( 22 : 39 )
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير
. وهي أول آية نزلت في القتال .
ثم فرض عليهم قتال من قاتلهم فقال تعالى ( 2 : 190 )
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم
- الآية . ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة فقال ( 9 : 37 )
وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة
- الآية .
بعض خصائص رسول الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه في الحرب على أن لا يفروا وربما بايعهم على الموت . وربما بايعهم على الجهاد . وربما بايعهم على الإسلام .
وبايعهم على الهجرة قبل الفتح .
وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله .
وبايع نفرا من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئا . فكان السوط يسقط من أحدهم . فينزل فيأخذه ولا يسأل أحدا أن يناوله إياه .
وكان يبعث البعوث يأتونه بخبر عدوه . ويطلع الطلائع ويبث الحرث
والعيون ، حتى لا يخفى عليه من أمر عدوه شيء .
وكان إذا لقى عدوه دعا الله واستنصر به وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله والتضرع له .
وكان كثير المشاورة لأصحابه في الجهاد .
وكان يتخلف في ساقتهم . فيزجي الضعيف ويردف المنقطع .
وكان يرتب الجيش والمقاتلة ويجعل في كل جنبة كفؤا لها . وكان يبارز بين يديه بأمره . وكان يلبس للحرب عدته .
وربما ظاهر بين درعين كما فعل يوم بدر . وكان له ألوية .
وكان إذا أراد أن يغير ينتظر . فإذا سمع مؤذنا لم يغر وإلا أغار .
وكان يجب الخروج يوم الخميس بكرة . وكان إذا اشتد البأس اتقوا به وكان أقربهم إلى العدو .
وكان يحب الخيلاء في الحرب . وينهي عن قتل النساء والولدان . وينهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو .
أول لواء عقده رسول الله وأول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم على قول
موسى بن عقبة - لواء
حمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان في السنة الأولى ، بعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين خاصة يعرض عيرا لقريش جاءت من الشام ، فيها أبو جهل في ثلاثمائة رجل حتى بلغوا
سيف البحر من ناحية العيص ، فالتقوا واصطفوا للقتال فحجز بينهم
مجدي بن عمرو الجهني .
وكان موادعا للفريقين . فلم يقتتلوا .
[/url]
فغزا فيها صلى الله عليه وسلم
غزوة الأبواء . وكانت أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه . خرج في المهاجرين خاصة يعترض عيرا لقريش فلم يلق كيدا . وفيها وادع بني ضمرة على أن لا يغزوهم ولا يغزوه ولا يعينوا عليه أحدا .
غزوة بواط ..
ثم غزا بواطا في ربيع الأول . خرج يعترض عيرا لقريش فيها
أمية بن خلف ومائة رجل من المشركين . فبلغ بواطا - جبلا من جبال
جهينة - فرجع ولم يلق كيدا .
ثم خرج في جمادى الآخرة في مائة وخمسين من المهاجرين يعترضون عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام . وخرج في ثلاثين بعيرا يتعاقبونها . فبلغ ذات العشيرة من ناحية ينبع . فوجد العير فاتته بأيام . وهي التي خرجوا لها يوم بدر لما جاءت عائدة من الشام . وفيها : وادع بني مدلج وحلفاءهم .
وقعة بدر الكبرى يوم الفرقان فلما كان في رمضان بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير المقبلة من الشام مع أبي سفيان فيها أموال
قريش فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج إليها فخرج مسرعا في ثلاثمائة وبضع عشرة رجلا . ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود . وكان معهم سبعون بعيرا يعتقب الرجلان والثلاثة على بعير . واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم .
فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة واستعمله على المدينة .
وبلغ أبا سفيان مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم . فاستأجر
ضمضم بن عمرو الغفاري . وبعثه حثيثا إلى مكة مستصرخا قريشا بالنفير إلى عيرهم . فنهضوا مسرعين . ولم يتخلف من أشرافهم سوى أبي لهب . فإنه عوض عنه رجلا بجعل . وحشدوا فيمن حولهم من قبائل
العرب . ولم يتخلف عنهم من بطون
قريش إلا بني عدي فلم يشهدها منهم
أحد وخرجوا من ديارهم كما قال تعالى ( 8 : 47 )
بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله
فجمعهم على غير ميعاد كما قال تعالى ( 8 : 43 )
ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد
.
ولما بلغ رسول الله
خروج قريش : استشار أصحابه . فتكلم
المهاجرون فأحسنوا ثم استشارهم ثانيا . فتكلم
المهاجرون . ثم ثالثا . فعلمت
الأنصار : أن رسول الله إنما يعنيهم فقال
سعد بن معاذ : كأنك تعرض بنا يا رسول الله - وكان إنما يعنيهم لأنهم بايعوه على أن يمنعوه من ديارهم - وكأنك تخشى أن تكون
الأنصار ترى عليهم أن لا ينصروك إلا في ديارهم . وإني أقول عن
الأنصار وأجيب عنهم . فامض بنا حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت . وأعطنا منها ما شئت . وما أخذت منها كان أحب إلينا مما تركت . فوالله لئن سرت بنا حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك .
وقال
المقداد
بن الأسود : إذن لا نقول كما قال قوم موسى لموسى ( 5 : 24 )
فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون
ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك . فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمع منهم . وقال
سيروا وأبشروا . فإن الله وعدني إحدى الطائفتين . وإني قد رأيت مصارع اليوم
. وكره بعض الصحابة لقاء النفير وقالوا : لم نستعد لهم فهو قوله تعالى ( 8 : 5 - 8 )
كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعدما تبين
لشركائهم - إلى قوله -
ولو كره المجرمون
.
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر . وخفض أبو سفيان . فلحق بساحل البحر . وكتب إلى
قريش : أن ارجعوا فإنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم . فأتاهم
الخبر . فهموا بالرجوع . فقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نقدم بدرا فنقيم بها نطعم من حضرنا ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان . وتسمع بنا
العرب . فلا تزال تهابنا أبدا وتخافنا .
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على ماء أدنى مياه بدر . فقال
الحباب بن المنذر : إن رأيت أن نسير إلى قلب - قد عرفناها - كثيرة الماء عذبة فتنزل عليها . ونغور ما سواها من المياه ؟ وأنزل الله تلك الليلة مطرا واجدا صلب الرمل . وثبت الأقدام . وربط على قلوبهم . ومشى رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة . وجعل يشير بيده ويقول
هذا مصرع فلان .
وهذا مصرع فلان إن شاء الله
فما تعدى
أحد منهم موضع إشارته صلى الله عليه وسلم . فلما طلع المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم هذه
قريش جاءت بخيلائها وفخرها جاءت تحادك وتكذب رسولك . اللهم فنصرك الذي وعدتني . اللهم أحنهم الغداة
وقام ورفع يديه واستنصر ربه وبالغ في التضرع ورفع يديه حتى سقط رداؤه . وقال
اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك . اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد
.
فالتزمه
أبو بكر الصديق من ورائه وقال حسبك مناشدتك ربك يا رسول الله . أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك . واستنصر المسلمون الله واستغاثوه . فأوحى الله إلى الملائكة ( 8 : 12 )
أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان
وأوحى الله إلى رسوله ( 8 : 9 )
أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين
بكسر الدال وفتحها . قيل إردافا لكم . وقيل يردف بعضهم بعضا لم يجيئوا دفعة واحدة .
فلما أصبحوا أقبلت
قريش في كتائبها . وقلل الله المسلمين في أعينهم حتى قال أبو جهل - لما أشار
عتبة بن ربيعة بالرجوع خوفا على
قريش من التفرق والقطيعة إذا قتلوا أقاربهم - إن ذلك ليس به . ولكنه - يعني عتبة - عرف أن محمدا وأصحابه أكلة جزور وفيهم ابنه فقد تخوفكم عليه . وقلل الله المشركين أيضا في أعين المسلمين ليقضي الله أمرا كان مفعولا .
وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف . ثم انصرف وغفا غفوة . وأخذ المسلمين النعاس
وأبو بكر الصديق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرسه . وعنده
سعد بن معاذ وجماعة من
الأنصار على باب العريش . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع . ويتلو هذه الآية ( 54 : 45 )
سيهزم الجمع ويولون الدبر
ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين . فتناولوهم قتلا وأسرا . فقتلوا سبعين وأسروا سبعين .